

مساجد جزيرة جربة
و علمائها
الشيخ أبو سليمان داود بن إبراهيم التلاتي
ولد الشيخ التلاتي بحومة تلات من منطقة قلالة في أول القرنالعاشر الهجري/القرن السادس عشر مسيحي. حفظ القرآن مبكرا أرسلهوالده إلى مدرسة الشيخ أبي زآرياء بن عيسى الباروني بجبل نفوسةفدرس عليه العلوم ثم انتقل إلى مدرسة الشيخ يعقوب بن صالح التندميرتيببلدة جناون ويحدثنا التلاتي عن رحلته العلمية ويقول درست أآثر العلومعلى شيخي يعقوب التندميرتي ثم عاد إلى مسقط رأسه فاستشار والدهفي السفر إلى وادي ميزاب ليواصل دراسته العالية على الشيخ أبي مهدىبن عيسى بن إسماعيل المليكي. يقول أخذت عنه فوائد جمة في أصولالدين وغيره. بعد أن أخذ حظه من العلم عاد إلى الجزيرة والتحق بمدرسةالشيخ قاسم بن يونس السدويكشي. آان الشيخ داود ينتقل من مدرسةإلى أخرى ينهل من العلوم والآداب من شيوخ عدة ثم التحق بمدرسة الشيخأبي زآرياء بن إبراهيم الهواري بجربة هذا ما حكاه عن نفسه وسجله عنهأآبر تلاميذه الشيخ أمحمد بن زآرياء الباروني المتوفى شهيدا بجبل يفرنفي غارة من عرب البادية على جبل نفوسة سنة 997 ه/ 1589 م ذآرها فيرسالته التي وضع فيها نسبة الدين( 223 ) أثبت في هذه الرسالة عن من أخذعلمه وقد عرضها على أستاذه قبل موته والذي بين فيها مشائخ شيخه يقولمحمد بن زآرياء الباروني أخذت أنا وأآثر الطلبة زماننا عن شيخنا سليمانداود التلاتي الجربي بعد أن أتم دراسته ورسخت قدمه في العلم عاد إلىجربة بحزم ونشاط لخدمة بلاده ودينه ووطنه جلس في مدرسة جامعالقصبيين بحومة قلالة ينشر علمه في نفوس الشباب ويغرس فيهم قوةالإيمان وروح التضحية والصبر عن المكاره والصبر على طلب العلم وسهرالليالي ومدارسة الكتب المفيدة فتخرج من مدرسته عدد آبير من المشائخومن أبرزهم محمد بن زآرياء الباروني الذي نقل عنه نسبة الدين. أسند إليهعلماء الجزيرة رئاسة مجلس العزابة بعد وفاة الشيخ زايد بن عمر اللوغ سنة950 ه ويقول بن تعاريت ساد الشيخ التلاتي بجربة وتولى مجلس العزابة.( وإليه يرجع الأمر في زمانه( 224آان الشيخ التلاتي يشرف على شؤون البلاد دينيا واجتماعياوسياسيا ويفض المشاآل بين المتنازعين وآان المجلس يراقب المساجدعلى السواحل ويسهر على سير التعليم في جميع مدراس الجزيرة وينظمأوقات التعليم والراحة الأسبوعية ويراقب الأيمة والمربين ويوزع الأوقات علىالطلبة في آل شهر وينظر في أحوال الأيتام والأرامل والعاجزين عن الكسبفيوزع عليهم الصدقات. قام التلاتي بهذه الوظيفة على أحسن حال وآانيتمتع بقدرة فائقة على حل المشاآل ويثبت الحقوق لأصحابها ويقرب بينالقلوب المتنافرة وينزع منها الشحناء والبغضاء بالحكمة والموعظة الحسنةوحل محلها التحابب والتراحم والتعاطف حتى صاروا إخوانا على البر واختار يوم. رغب الناس في حضور هذه الدروس ولما ذاقوا حلاوة العلم وعرفوا مرارةالجهل وأآبروا جهود العلماء ورجال الإصلاح فعرفوا فضلهم على المجتمع.أفنى عمره في خدمة العلم ونشر الثقافة الإسلامية في الناشئة وآانمتضلعا في العلوم مخلصا صادقا نزيها يقوم بجميع هذه الأعمال احتسابالوجه الله الكريم ولا يتقاضى أجرة على هذا العمل آان التلاتي مجاهدا يقاومالانحراف والظلم ويقف في وجوه الظلمة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكروآان بمنزلة الإمام العادل في تنفيذ الأحكام( 225 ) والسهر على أمن البلادوراحتها ولما احتل درغوث بن علي الترآي جربة بلغ الشر من أولائك الولاةأشده ثار المجتمع الجربي بإشارة الشيخ في وجه الطغاة دفاعا عن الكرامةوالدين لأن درغوث هجم على الجزيرة بجنوده لإخماد هذه الثورة بالقوة آانتنهايتها قتل هذا العالم الجليل فاستشهد بعد أن أخذ خديعة وسجن شهرا ثم1560 م ولما رأى فيه من - قتل في أوائل جمادى الأول سنة 967 ه/ 1559التمسك بالحق جرى حوار بين الشيخ التلاتي والقائد درغوث وأراد درغوث أنيحمّل التلاتي آتابة الرسائل إلى تونس وقال له أنا بعيد عما جرى من فسادفي البلاد بل الفساد من قبلك لتقديم الأسافل على الأفاضل( 226 ) آانت وفاتهخسارة عظيمة لجربة لأنه مات حديث السن دون أن يفيد آثيرا من العلمالذي حمله في شبابه فخمس سنوات ليست آافية لتكوين جيل ودفنبمسجد أبي داود بحومة برآوك بالجزيرة.